الدوحة/16 نوفمير-2017/ مرةً أخرى هذا الموسم يُرسخ العداء القطري الشاب عبد الإله هارون صاحب الموهبة الفذة في عالم سباق الجري مكانته عالمياً كأحد العداءين الواعدين بمستقبلٍ من الإنجازات اللافتة، وذلك بعد أن أحرز الميدالية البرونزية في بطولة العالم لألعاب القوى 2017 ليضيفها إلى سجله في رياضات ألعاب القوى. ومع أنه لا يتعدى العشرين عاماً، وما يزال في بداية مسيرته الرياضية، إلا أن صاحب لقب بطولة العالم للشباب وبطل فضية العالم للصالات كان قد مرّ بتجربة محبطة حينما لم يتمكن من التقدم والوصول إلى منافسات النهائي في أولمبياد ريو 2016، لكنها في نفس الوقت خلقت دافعاً كبيراً له ليحقق إنجازاً أولمبياً مشرفاً لقطر في الألعاب الأولمبية المقبلة – طوكيو 2020.
وقد كان من الممكن أن تتجه مسيرة هارون في رياضة مختلفة كلياً، حيث أنه كان في بداية مشواره الرياضي يُحب الملاكمة ويمارسها من وقت لآخر مع عمه وأصدقاءه: "عمي ملاكم وجميع أصدقائي في منطقتي يمارسون الملاكمة. كنت أرافقهم دائماً إلى صالات الملاكمة ومنها أحبب هذه الرياضة"، إلا أن الفضل في اكتشافه يعود إلى معلمه في المدرسة الذي لاحظ سرعته وموهبته البارزة في ألعاب القوى وشجعه على احتراف هذا المجال: "قال لي معلمي في ذلك الوقت: "هارون، أنت سريع جداً في الجري، لم لا تحترف ألعاب القوى؟" وهذا ما فعلته وقد أحببتها وشعرت أنها المجال المناسب لي".
أظهر هارون موهبة فطرية صاعدة في ألعاب القوى منذ خطواته الأولى على المضمار، حيث انطلق سريعاً ليلحق بصفوف الأوائل على مستوى العالم ويحقق في عمر ال18 سنة أولى ألقابه بفوزه بالبطولة الآسيوية لألعاب القوى 2015 والتي هزم فيها العداء السعودي يوسف مسرحي - صاحب اللقبين السابقين للبطولة ، ليواصل انطلاقته ويحصد في بداية موسم 2016 عدداً من الألقاب الهامة ويحقق الميدالية الذهبية في البطولة الأسيوية لألعاب القوى داخل الصالات في وطنه الدوحة، ثم يتبعها بأسابيع قليلة بفضية بطولة العالم لألعاب القوى داخل الصالات التي استضافتها بورتلاند ذات العام.
وعلى الرغم من تحقيقه لتلك الإنجازات الرائعة، إلا أن تركيزه الأساسي في موسم 2016 كان منصباً على بطولة العالم للشباب التي أقيمت في وقت لاحق من ذلك العام والتي كاد أن يخسر فيها فرصته في الفوز بعد أن أرهق نفسه وجسده في التمرينات، يقول هارون: "في بداية الموسم، دخلت في جدول مكثف من التمرينات مع مدربي ضمن معسكر في أثيوبيا لمدة خمسة أشهر، وكنا دائماً نذكر أنفسنا بأهمية هذه البطولة لدرجة أنني شعرت بالتوتر في مرحلة ما وذهبت للمنافسة وأنا خائف وغير واثق من أنني سأفوز"، لكن سرعان ما استعاد هارون تركيزه وهدوءه خلال لحظات من السباق، بقوله: "حينما دخلت المضمار، رأيت الخوف في أعين العدائين، فقلت في نفسي إن هذه هي فرصتي للفوز، لست خائفاً من السباق ويمكنني الفوز بالذهبية". وبالفعل دفعته ثقته بنفسه نحو القمة ليحقق نصراً كبيراً ويسجل أفضل رقم قياسي للموسم بلغ (44:81 ث).
ويَعزي هارون السبب في قدرته على الحفاظ على هدوءه وتركيزه إلى تعلمه أسس الملاكمة، موضحاً ذلك بقوله: "لقد ساعدتني الملاكمة على ألا أخاف من أي شيء وهذا مهم جداً في ألعاب القوى. الملاكمة لعبة صعبة لأنك قد تتعرض للكمات في أية دقيقة ومن أي اتجاه. وقد ساعدني هذا على أن أحافظ على هدوئي وأن لا أخاف شيئاً وأن أكون دائماً مستعداً كلما دخلت المضمار".
من الطبيعي أن يخفق أي رياضي في مرحلة أو بطولة ما خلال مسيرته الرياضية، وقد كانت تجربة ريو التي شارك فيها هارون بعد أسابيع قليلة من انتهاء بطولة العالم للشباب غير محققة للآمال، ذلك أنه لم يتمكن من الوصول إلى منافسات النهائي: "إن أسوأ لحظة عشتها منذ بداية مشواري الرياضي حتى الآن كانت في ريو. خرجت من المنافسات في سباق ما قبل النهائي، الأمر الذي جعلني أشعر بالسوء وفقدت الرغبة في المواصلة حتى النهاية، كما فقدت الرغبة في الأكل أو الشرب، وقد كان زميلي في الغرفة يحاول إخراجي من هذه الحالة وتخفيف الأمر علي. كل ما أردته هناك هو الوصول إلى النهائي".
إلا أن دعم الأهل والأصدقاء لهارون ساعده على الخروج من هذه الحالة، حيث يضيف قائلاً: "شعرتُ بالإحباط في الأيام القليلة الأولى، وشعرت بأنني لا أريد استكمال بقية الموسم. لكن أسرتي وأصدقائي شجعوني على الاستمرار، وكانوا يذكرونني دائماً بأنني ما زلت في بداية مسيرتي الرياضية وأنه على أن أكون صبوراً حتى أحقق إنجازاتٍ أكبر في المستقبل".
وقد استفاد هارون من هذه التجربة التي تعلم منها كثيراً وأصبحت حافزاً ودافعاً له ليحقق ما يطمح إليه في مستقبله الرياضي.. وأشار في ذلك: "لقد تعلمتُ من أخطائي خاصة فيما يتعلق بنقطة الانطلاق وبالطريقة التي أركز فيها أثناء السباق. تعلمتُ أن أركز في كل شيء منذ بدايته حتى نهايته، في السباقات وفي التمرينات وفي كل شيء، وأن أركز على الطريقة التي أتسابق بها وكيف أحافظ على توازني حتى أتجنب الأخطاء والإصابات".
وفعلاً في العام التالي، انطلق هارون سريعاً ليعوض الفترة الصعبة التي خاضها في مسيرته الرياضية ويعيش أسعد لحظة له حينما أحرز الميدالية البرونزية في بطولة العالم لألعاب القوى في لندن 2017، حيث أهدى هذا الإنجاز الكبير لدولته قطر: "ما حققته في لندن يختلف كلياً عن باقي إنجازاتي، خاصةً وأننا كنا نعيش لحظات صعبة. لقد فزت بالبرونزية، وأحرز زميلي معتز برشم الذهبية، كما قدم باقي اللاعبين أداءً رائعاً. حرصنا جميعاً على بذل أقصى ما ليدنا لنجعل قطر فخورة بنا".
وبعد استراحة قصيرة أمضاها في نهاية الموسم، عاد هارون لينخرط سريعاً في جدول تمرينات مكثفة استعداداً لبطولة العالم داخل الصالات التي ستقام في برمنغهام – إنجلترا في مطلع العام المقبل، حيث يؤكد هارون بقوله: "سيكون الموسم التالي كبيراً وهاماً بالنسبة لي، لدينا أهداف كبيرة لنحققها ومن أجلها بدأت تمريناتي مبكراً هذا الموسم. لقد وضعنا خططاً وجداول تمرينات جديدة وسنشارك في معسكرات تدريبية مختلفة، وبالطبع سيدعمنا في ذلك اتحاد ألعاب القوى، واللجنة الأولمبية القطرية، ومدربي، والإداريين".
ويعني الالتزام بالخطط والجداول التدريبية المكثفة أن يتخلى هارون عن الكثير من الأشياء، ويقدم التضحيات حتى يحقق أحلامه، خاصة فيما يتعلق بمواصلة الدراسة، وقال هارون: "لطالما رغبت بأن أستكمل دراستي وما زلت أريد ذلك، لكن الرياضة تأخذ كل وقتي حتى اقتنعت في النهاية بما أقوم به، ودائماً أذكر نفسي بأنه طالما لن أتمكن من مواصلة دراستي، فسأحقق ما أريده في ألعاب القوى".
وخلال العامين المقبلين، سيسعى هارون جاهداً ليحقق أهم أحلامه وهي بطولة العالم لألعاب القوى - الدوحة 2019 والألعاب الأولمبية - طوكيو 2020. وتمثل استضافة الدوحة لبطولة العالم 2019 فرصة لا تعوض لأبطال الأدعم للتنافس أمام جمهورهم في أكبر بطولات ألعاب القوى على الإطلاق، وسيحرص هارون على تحقيق إنجاز آخر يضيفه لنجاحه في لندن، حيث يقول: "إن استضافة الدوحة لبطولة العالم لألعاب القوى 2019 هي فرصة هامة لي ولمستقبلي الرياضي، فهي أحد أهم الأهداف في مسيرتي الرياضية وأريد أن أحقق إنجازاً أكبر مما حققته في لندن، هذا هو حلمي الآن، كما سأسعى في أولمبياد طوكيو 2020 إلى التعويض عن ما فاتني في ريو وأن أقدم أداءً أفضل، أنا الآن أكثر استعداداً وتركيزاً لدرجة أتمنى أن تبدأ الأولمبياد غداً".
على الرغم من التدريبات المكثفة والطموحات الجادة، ما يزال هارون قادراً على الحفاظ على ذلك الجانب المرح والمحبوب من شخصيته التي يُعرف بها أينما كان، ويعلق على هذا الجانب بقوله: "إن شخصيتي هي ذاتها في كل مكان، في البيت، مع أسرتي، مع إخوتي، مع أصدقائي، وفي الملعب. كل من يعرفني يقول بأن شخصية هارون المرحة لا تتغير مهما تغيرت الظروف. أحب أن أمضي أوقاتاً ممتعة مع أصدقائي، حيث نغني ونستمتع بوقتنا معاً. تساعدني الروح المرحة على أن أكون مستعداً لأي شيء وأن أكون متحفزاً دائماً لأقدم أفضل ما لدي في أرض المضمار حتى أعود لأهلي وأصدقائي وأستمتع بوقتي معهم".
يُمكنكم الاطلاع على آخر الأخبار والتطورات حول لاعبنا هارون وباقي لاعبي فريق قطر من خلال التسجيل في صفحة "فريقي الأدعم" حيث ستجدون معلومات وعروض ومسابقات حصرية للأعضاء المشتركين في الصفحة. التسجيل مجاني، كل ما عليكم فعله هو الدخول على: www.olympic.qa/en/teamqatarclub